
منذ تسلمه السلطة، حرص الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني على إجراء زيارات ميدانية متكررة إلى ولايات الداخل الموريتاني شملت مناطق تعاني من ضعف البنية التحتية وتراكم التهميش لعقود، فيما اعتبره البعض تجسيدًا لسياسة القرب من المواطن، بينما رآه آخرون مجرد واجهة اتصالية تخلو من أثر فعلي ملموس.
النظرة الشعبية: تقدير مشوب بالأمل
عموم المواطنين في الداخل استقبلوا الزيارات بترحيب لافت، إذ رأوا فيها اعترافًا رسميًا بمطالبهم المزمنة، خصوصًا في مجالات الصحة، التعليم، الطرق، والمياه. حيث يقدّر المواطن البسيط أن وجود الرئيس في مدينته أو قريته يمنحه فرصة نادرة لنقل مظالمه بشكل مباشر، ويشعره بأنه ليس مهمشًا بالكامل.
لكن مع تكرار الزيارات دون تحولات جوهرية في واقعه المعيشي، بدأت بعض الفئات الشعبية تعبّر عن "خيبة أمل"، معتبرة أن أثر الزيارات ظل رمزيًا في الغالب، وأن المشاريع المعلنة لم تنفذ بالسرعة أو الشكل الموعود.
نظرة النخبة: بين الواقعية والتساؤل
أما النخبة السياسية والثقافية، فانقسمت مواقفها، ليرى فريق منها في الزيارات "نهجًا تواصليًا جديدًا" أكثر قربًا من المواطن مقارنة بالعقود السابقة، وبما يجعله يعتقد أنها ساهمت في تفكيك مركزية القرار، وتعزيز المتابعة الميدانية للبرامج الحكومية.
ونجد أن هناك من يثمن النزول الميداني كخطوة نحو توطيد دولة المؤسسات وتقريب الإدارة من المواطن، فيما تتنامى أصوات تشكك في أهداف الزيارات، وتربطها باستعدادات انتخابية مبكرة لاستحقاقات 2029، في ظل تراجع ثقة جزء من النخبة في جدية تنفيذ البرامج المصاحبة لها. فيما ينتقد أيضا الطابع المناسباتي للزيارات، معتبرا أن تأثيرها يظل محدودًا ما لم يتبع بخطط متابعة وتقييم، وأن بعض الزيارات تحوّلت إلى فرص لعرض الإنجازات أكثر من كونها فضاء لتشخيص الخلل
في ميزان التقييم
الزيارات الرئاسية لا تزال تحت مجهر التقييم الشعبي والنخبوي. فبينما تؤسس نظريًا لنمط جديد من التفاعل بين السلطة والمواطن، إلا أن التحدي الحقيقي يكمن في الترجمة الفعلية لهذه الزيارات إلى مشاريع ملموسة، وخدمات قابلة للقياس والتأثير. وفيما تنقسم النخب السياسية والإعلامية في تقييمها للزيارات الرئاسية هناك من يثمّن منهجية غزواني في تكريس سياسة القرب والإنصات للمواطنين، حيث يرى أن زياراته تشكّل أداة ضغط على المسؤولين المحليين لتحسين الأداء. .
وعموما تبقى الزيارات الرئاسية إلى الداخل ذات أثر رمزي مهم، لتظل بحاجة إلى أن تقترن بإجراءات تنفيذية عملية، وتحسين في أدوات التواصل بين السلطة والمواطنين. فبدون نتائج ملموسة، قد تتحوّل هذه الزيارات إلى مجرد طقوس سياسية لا تغيّر الواقع، وتُفقد الرئيس ورقة مهمة في تعزيز الثقة الشعبية.





.jpg)