صمت الجزائر في مجلس الأمن: تواطؤ ضمني أم تغير في استراتيجية الصحراء؟"

سبت, 01/11/2025 - 00:45

في مشهد بدا لافتًا للمتابعين لقضية الصحراء الغربية، مرّر مجلس الأمن الدولي يوم 31 أكتوبر 2025 قرارًا جديدًا يدعم المبادرة المغربية بمنح حكم ذاتي موسّع للإقليم، وسط تأييد واضح من قوى دولية وازنة، أبرزها: الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، إسبانيا، وبلجيكا. غير أن العنصر الأكثر إثارة للجدل لم يكن فقط مضمون القرار أو قائمة الداعمين، بل موقف الجزائر، أو بالأحرى غيابها اللافت.

لم تُسجّل الجزائر، التي طالما كانت أبرز داعمي جبهة البوليساريو، أي احتجاج رسمي ضد تأييد هذه الدول لمبادرة الحكم الذاتي. ولم تطلق تحذيرات دبلوماسية أو تعلن نيتها اتخاذ إجراءات ردعية. الأسوأ – أو الأعجب – أنها لم تحضر حتى جلسة التصويت في مجلس الأمن، في خطوة فُسّرت لدى كثيرين على أنها تواطؤ ضمني أو ضوء أخضر مبطن لتمرير القرار، خاصة في ظل صمت وسائل إعلامها الرسمية واكتفائها ببيانات رمادية غير مباشرة.

السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل تعمدت الجزائر التخفف من ضغط ملف الصحراء في هذه المرحلة، لأسباب داخلية أو إقليمية؟ أم أنها بصدد مراجعة استراتيجية المواجهة التقليدية التي ظلت تعتمدها ضد المغرب لعقود؟ وهل يمكن أن يُفهم غيابها كنوع من إعادة التموضع، خصوصًا في ظل الضغوط الاقتصادية والسياسية المتزايدة التي تواجهها داخليًا؟

 من الواضح أن الجزائر تدرك أن موازين القوى تميل بشكل متسارع لصالح المغرب، بعد أن تمكن هذا الأخير من حصد اعترافات دولية مؤثرة، ونسج شراكات استراتيجية مرتبطة بموقف داعم لمبادرته. وصمت الجزائر، وإن بدا ارتباكًا أو حيادًا سلبيًا، قد يكون في الحقيقة بداية *تحول تدريجي نحو سياسة الأمر الواقع*، تحاشيًا للمزيد من الخسائر السياسية والدبلوماسية.

في كل الأحوال، تبقى خطوة مجلس الأمن في 31 أكتوبر 2025 منعطفًا حاسمًا في مسار النزاع، ليس فقط بسبب المضمون، ولكن لأن خصم المغرب التقليدي – الجزائر – لم يعد يصرخ، بل اختار الصمت... وهذا أبلغ أحيانًا من الكلام.